غياب ثقافة المخاطرة لدى أغلب الشباب في الولوج الى عالم المقاولين

بقلم :  ياسين اعميرة

يكاد لا يختلف الاثنان على أن صلاح الشباب دعامة أساسية في التنبؤ بالحالة الانية والمستقبليةللمجتمع اقتصاديا واجتماعيا ورياضيا و فنيا وابداعيا. به وله تُعد وتُنفذ الخطط والبرامج التنموية،ومن أجله تعبئ الاموال والطاقات، هذا هو حال شباب الدول المتقدمة.

لا شك كذلك أن حال الشباب في الدول النامية و العربية على وجه الخصوص تعوزه الامكانات وتواجهه تحديات عظمى. كيف لا و أنه في أفضل الحالات ما يمكن أن يُقدم له هو عبارة عن فرص عمل متوسطة.

ليس هذا هو قصدنا في هذا المقال، اعادة تشغيل أُسطوانة مشروخة تحت عنوان “الدولة ما دَارْتْ لِينَا وَالُوا” ، ولن أتحدث كذلك عن العراقيل الرئيسية التي تُحِدُّولوج الشباب الى عالم المقاولات وضمنها بالخصوص التمويل وبطء المساطر الإدارية والعجز في التكوين وعدم كفاية تجهيزات الاستقبال والدعم و …و…

بل هذه المرة سيتم إجلاس الشاب في قفص الاتهام ومساءلته عن جرعة المخاطرة لديه؟ومدى استعداده نفسيا وذهنيا للمغامرة لتحقيق أحسن الفرص وعدم الاكتفاء بأنصاف الفرص؟

استوقفتني في الآونة الاخيرة  دراسة نَشرتها وزارة الخارجية البريطانية في شهر أكتوبر الحالي حول البلدان الاكثر فرصا للشباب.درسوا خلالها ظروف حياة الشباب بين 15 و29 عاماً في 183 دولة من دول العالموفق 18 مؤشراًفيخمسةمواضيعشاملة،وهيفرصالعملوالتعليموالصحةوالمشاركةالسياسيةوالمبادراتالمدنية.

وكانت النتيجة أن ألمانيا تُعَدُ البلدالأكثرفرصاًللشبابعالمياً.. والبحرينعربياً (في حين أن المغرب جاء كما هي عادته في المرتبة عشرين ومئة عالميا و الحادية عشرة عربيا !!no comment).

فتبادر الى ذهني السؤال التالي ، ما هي الاشياء أو الاسباب التي جعلت شباب الدول المتقدمة يتمتعون بأحسن الفرص؟

الجواب بديهي…سيقوله أغلبنا!!إنه المستوى المتقدم الذي بلغته هذه الدول في جميع المجالات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية  بالإضافة الى فعّالية النظام التعليمي والتربوي لديهابحيث يسمح لشبابها بالظفر بأحسن الفرص…وربما قلة نسبة الشباب تجعل المنافسة بينهم تكون قليلة…

سؤالتعقيبي يفرض نفسه، ولكن لماذا نجد في بلدننا “الغير متقدمة” شباب أجانب من مختلف بقاع المعمور ناجحين بشكل ملفت ؟ بل وتجد من بين مستخدميهم خريجي أفضل المعاهد و جامعات البلد المضيف!؟

بالفعل كلنا يرى أو يسمع هنا أو هناك عن رجال أعمال أجانب يستثمرون في بلدننا النامية وليس لديهم الكثير سوى دافع المخاطرة …ماذا المخاطرة ؟؟! … نعم .. ولما لا ونحن نجدهم يستثمرونمثلا في المجال الفلاحي وهم لا يملكون أرضا ولا وسائل إنتاج ورغم كل هذا فتجدهم يكترون الاراضي الفلاحية من سكان البلد المضيف ويستخدمون أبنائهم لاستزراعها حتى إذا أينعت ثمارها ترهم  يقومون بتصدير أجودها الى الخارج عبر مصانع للتعبئة أغلبيتها مكتراة أيضا وكل هذه السلسلة يتم تمويلها عن طريق رؤوس أموال محلية (بنكية)… استثمار بصفر درهم (كلشي ديال البلاد .. الارض الماءالمالالعمالة … ).

المُتَّهم هنا ليس هذا النوع الجديد من الغزو الاقتصادي ولكنها التراكمات الثقافية الخاطئة المتعشعشة في عقول الشباب التي شلَّت كل حركات الابداع والاعتماد على النفس  …إنها العقلية المُكوَّنة لدى شبابناوالمبنية على أساس “التعلم لكسب وظيفة”نتيجة نظام تعليمي عقيم مبني على تخريج أكبر عدد من العاطلين وليس المعطلين… و الارتكان الى طلب فرصة عمل بدل العمل على خلقها… إنها ثقافة بين كل مقهى ومقهى توجد مقهى أخرى … انه غياب حس المخاطرة “la prise de risque” الذي يعوز الكثير من شبابنا.

المتفق عليه عند العقلاء أن المخاطرة والعائد مرتبطان إيجابيا،وعلى المستثمر أن يتحمَّل مخاطرة إضافية إذا أراد تحقيق عائد على. و بصيغة أخرى من أراد الحصول على أحسن الفرص في بلدننا فعليه الخروج من “منطقة الراحة” والشرب من كاس المخاطرة المُرِّ.

 

شاهد أيضاً

الشروق تختتم لقاءها الوطني ببوزنيقة + الصور

اختتم بالامش اللقاء الوطني الذي عقدته منظمة الشروق بسهرة فنية غيوانية،مع فرقة جنان الغيوان، وبمساهمة …