المخرج المغربي أمين ناسور :” نحن بحاجة لإرادة سياسية لوضع استراتيجية ثقافية وطنية

كبيطال بريس :

حوار : وفاء قشبال

إثر عودته من تأطير ورشة تطبيقية في مبادئ فن الإلقاء المسرحي، بالمركز الثقافي لبني ملال يوم أمس الجمعة ، أجريت الحوار التالي  مع المخرج و الممثل المسرحي ” أمين نسور”  عنوانه الأبرز ” المسرح المغربي بين الاكراهات و الإبداعات”

حوار، كشف خلاله”أمين نسور” حقائق صادمة بعضها مرتبط بالبيروقراطية وتداخل الاختصاصات الإدارية، و أخرى ترتبط بالأغلفة المالية المخصصة لدعم الإنتاج المسرحي  و أخرى تؤكد ريادة المسرح المغربي على المستوى العربي رغم  الصعوبات والعراقيل التي سنتحدث عنها رفقة ضيفنا.

ضيفنا هو مخرج و ممثل مسرحي ، أستاذ الإلقاء بالمعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي ، نائب الكاتب العام الوطني للنقابة المغربية لمهنيي فنون المسرح .

بداية، رمضان كريم ومرحبا

ـ بارك الله فيكم و اعواشر مبروكة

 

الله يبارك فيك ذ نسور، أول ما اثارني صراحة هو انتقادك بداية هذا الأسبوع عبر صفحتك الفايسبوكية ” لوزارة الثقافة وقلت أنك ستواصل الاحتجاج ، مبدئيا ما الأسباب ؟؟

ــ نعم  السبب هو سوء توزيع الدعم الذي تخصصه الوزارة للفرق المسرحية الوطنية، و نقول منذ مدة  ينبغي إعادة النظر فيه ،و كفى من  هذا الدعم بصيغته الحالية.  صحيح أن المبادرة أعطت فرقا مسرحية “محترفة” و أعمال مسرحية مهمة على مدى 20 سنة الماضية، إنما هل لازلنا نحتاج للدعم بصيغته الحالية  ؟؟؟  أعتقد أنه حان الوقت لتطوير هاته الصيغة بتدخل قطاعات أخرى في دعم المسرح الوطني غير الوزارة الوصية، وبالخصوص القطاع الخاص، لان الهدف في النهاية هو تقريب المسرح من المواطن” من اجل الرقي بالذوق المجتمعي العام.

ـ  وأيضا هذا الدعم الذي يقدم للفرق المسرحية غلافه المالي ظل ضعيفا لا يكفي  حتى لأداء أجور الممثلين .. كم  تبلغ القيمة المالية للدعم ؟؟

 

ــ  الغلاف المالي للدعم الموجه للمسرح لا يتجاوز 700 مليون أي ما يعادل المبلغ  الذي يخصصه المركز السينمائي لدعم انتاج فيلم سينمائي واحد، الوزارة الوصية توزع (700 مليون) على أزيد من 40 فرقة مسرحية ،و حسب “دفتر التحملات” كل فرقة مطالبة بالإنتاج،الترويج و تقديم 6 عروض على الأقل. وعلى فكرة هناك من يعتبرون دعم الإنتاج المسرحي ريعا، بينما هذا الدعم لا يغطي سوى 70في المئة من ميزانية الإنتاج ،ولا يكفي لأداء أجور الممثلين،بالإضافة إلى أننا نقدم خدمة عمومية  حضارية والدعم يقدم من أجل الولوج الى الثقافة و الفنون ” باعتبارها حق دستوري لكل مواطن.

طيب قلت أن دعم الانتاج المسرحي  كانت له إيجابيات، إنما ترى انه الان  ينبغي تطويره، ما هي الاقتراحات  أو الإصلاحات المرغوبة   ؟؟

ــ في نظري، هناك مرتكزات أساسية :

1 ـ توضيح سياسة الدولة ووعيها بأهمية  الاستثمار في الميدان الثقافي ببلادنا

2 ـ  الجرأة في اعتماد أغلفة مالية محترمة لتشجيع الإنتاج المسرحي الوطني

3 ـ  خلق التنافسية عبر منح الدعم للفرق التي تستحق و للأعمال المسرحية الجيدة و للفنانين الحقيقيين  أما المساعدات الاجتماعية  فينبغي أن تخصص لها صناديق خاصة  بها …  هل تقصد أن الدعم يمنح أحيانا على سبيل المحاباة و العطف  ؟؟ ؟

ــ المقصود أنه” مانبقاوش نمشيو بالنظرة الاجتماعية ، هاذ الفرقة مثلا، فيها مجموعة نتاع  الناس مدة  ماشتغلوش أرى  ندعموهوم، هاد المنطق ماخدامش” المنطق الذي ينبغي أن يكون هو الجودة و المهنية من أجل الارتقاء بالذوق الفني .

طيب في هذا الإطار بالضبط ، ما الإجراءات التي تقومون بها  كمهنيين  وحتى من داخل النقابة  ؟؟؟

ــ نحن  في النقابة لدينا “خطة وطنية لتأهيل القطاع المسرحي”ككل، خطة جامعة مانعة شاملة، نحن كنقابة  إستراتيجيتنا  و خطتنا جاهزة . وسبق  أن وضعنا هاته الخطة بين يدي كل الوزراء اللذين تعاقبوا على وزارة الثقافة

المهنيون الآن يعرفون إشكالات الميدان المسرحي و مستعدون للتعاون مع أي مسئول حكومي يريد النهوض بالقطاع المسرحي ،ولكن “خاصنا إرادة سياسية ” ، وحتى أيضا  صياغة قانون الفنان به العديد من القوانين التي ستساعد على تنظيم المجال ولكن ما ينقص الآن هي النصوص التنظيمية، و النصوص التنظيمية هي من اختصاص البرلمان يعني “خاص القطاع الوصي و خاص البرلمان يسرع وثيرة إخراج النصوص التنظيمية باش يتقاد المجال”  إذن هناك أرضيات قانونية و مذكرات وأوراق عمل إنما لابد من إرادة سياسية للتفعيل .

وكيف تتجاوب الوزارة الوصية مع كل مقترحاتكم  كمهنيين ؟؟؟

ـ  حتى لا نكون ظالمين، يبدو أن هناك إرادة  حسنة لدى الوزير الحالي من أجل النهوض بالقطاع  ولكن هناك خلل ما  بباقي مصالح الوزارة، لأن كل  لقاءاتنا مع الوزير”محمد الاعرج” تبعث على الارتياح و تجعلنا مقتنعين أنه على رأس وزارة الثقافة  وزير متفهم  و يريد خدمة القطاع، لكن صيرورة العمل ما بعد اللقاءات تشوبها اختلالات و عراقيل تمنع تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه مع السيد الوزير، و بالتالي  نريد أن نعرف اين يوجد  مكمن الخلل  بوزارة الثقافة ؟ ومن المسئول  ولماذا ؟ وهنا  يلزم  أيضا ربط المسئولية بالمحاسبة .  هل تقصد أن الخلل مرتبط بشخصية أو جهة معينة ؟؟؟

ــ ” لا لو انه مرتبط بشخصية معينة غنتوجهو ليها مباشرة” إنما كل العراقيل هي بسبب  تداخل التخصصات بين العديد من الإدارات  فهناك “مديرية الفنون،مديرية الموارد البشرية و المالية و العديد من  المصالح وموظفيها… ” ماكاينش لمن توجه اللوم” بالتالي هناك عراقيل إدارية ينبغي حلها. هذا مع العلم أن غالبية أطر وزارة الثقافة  فنانين أيضا ! ؟

ــ نعم ،لكن المصالح الإدارية المحضة  ليس بها فنانين ، وأعطيك مثالا ، استفادت بعض الفرق المسرحية بدعم الجولات المسرحية لدورة  دجنبر 2017 ، كل الفرق قامت بجولاتها و قدمت عروضها حسب دفتر التحملات، و لازالت الفرق  لم تتوصل  بمستحقاتها  إلى يومنا هذا. وعندما نتحدث مع السيد الوزير هو نفسه  يتساءل هل المشكل هنا في خزينة المملكة، أم على مستوى مصالح وزارته ؟؟ علما أن الميزانية متوفرة بالوزارة ” إنما كتوصل حتى لفنان و كتولي لعرقلة فمستحقاته”

و مع كل هاته الاختلالات  يستمر الإبداع  ذ أ. نسور أو لا ؟

ــ طبعا ، تحضرني قولة  لمحمود درويش ” نحن  محكومون بالأمل”  لأنه لا مناص لنا من الأمل وعزاؤنا الوحيد يكمن في إبداعاتنا، و الحمد لله الان هناك حركية حقيقة بالمسرح ال مغربي ، الآن المسرح المغربي في الريادة و على رأس المسارح العربية ،  يحصد جوائز عربية عديدة،  وحترم جدا على المستوى الدولي ايضا.

ومؤخرا قمنا بجولة مسرحية بدول فرنسا ،بلجيكا، هولاندا ،الحمد لله الجميع  استحسن العروض لا الجالية المغربية و لا  الأجنبية يعني إبداعيا بلغنا مستويات متقدمة جدا و هو عزاؤنا الوحيد   طيب هاته الجولة بدعم من الوزارة ؟ وما عنوان المسرحية التي قدمت خلال الجولة  ؟

ــ لا، الجولة هي بدعم من وزارة الجالية وشؤون الهجرة  و ليست وزارة الثقافة و الاتصال. وقدمت خلالها فرقة ستيل كوم” عرضها المسرحي “نايضة”  الذي توج بـ 7 جوائز خلال  المهرجان الوطني للمسرح 2015 .

على ذكر ريادة المسرح المغربي على المستوى العربي ، ما رأيك في غياب  المسرحيات عن البرمجة التلفزية ؟؟

ــ  هذا إشكال حقيقي خلال السنوات الأخيرة، إنما هناك  مبادرات الان  لزرع روح جديدة، خصوصا من طرف القناة الأولى التي شرعت في استقطاب بعض الفرق المسرحية لتقديم و تسجيل عروضها، لكننا نطمح للمزيد   لتدارك هذا المشكل ،  خصوصا وأنه لدينا قناة ثقافية هي القناة الرابعة، فكيف يعقل أن قناة ثقافية لا تقدم مسرحيات ؟ !!  في حين كان المفروض عليها أن  تسجل وتقدم  مسرحيتين على الأقل كل أسبوع، لما نتابع قنوات فرنسية أو أجنبية نجد أن المسرح حاضر بقوة ، و المسرحيات تعرض في أوقات الذروة، و بقنواتنا للأسف، إن تمت برمجة عرض مسرحي يعرض في الوقت الميت ، و يعرض نمط معين من المسرح”مسرح الضحك” ،وهذا غير مقبول في دولة  لها رصيد  ثقافي وموروث مادي و لامادي  من اللازم أن يتجلى في المجال الفني و الإعلامي.

طيب نتمنى أن قناة الرابعة تأخذ المبادرة هي الأخرى لتسجيل و تقديم مسرحيات أسبوعية كما ذكرت

خاصة و أن المسرح المغربي مؤخرا حصد على التوالي جائزة المهرجان العربي للمسرح  لسنتي و  2016و2017، وهي مفارقة جميلة صراحة في ظل الإكراهات التي يعيشها مهنيو المسرح . إنما كي نختم حوارنا بالتفاؤل أترك لك كلمة أخيرة  تفضل :

كلمة أخيرة ، هو ليس بيدنا سوى التفاؤل بمستقبل مسرحي أفضل، وأعيد مقولة “درويش” نحن  محكمون بالتفاؤل” و نفتخر بإبداعاتنا  المسرحية الرائدة على المستوى العربي  رغم الاكراهات.

شاهد أيضاً

بلشهب فنان اختار “رد الاعتبار” لمكنسة”الدوم” بالصور

حاورته : وفاء قشبال /بوزنيقة عبد الجبار بلشهب، فنان اختار إنصاف مادة”الدوم” وتثمينها، من خلال …